الجمعة، 23 مارس 2012

تويتر..وقفات تربوية

تويتر..وقفات تربوية
مرعيد عبدالله الشمري

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد :
تأملت في برنامج التواصل الاجتماعي ( تويتر ) فاستفدت منه بعض الوقفات التربوية التي يراها الإنسان خلال استعمال هذا البرنامج إما على نفسه أو على الناس فأحببت أن أذكر نفسي وأحبابي بها عل الله أن ينفع بها الجميع وهي :

أولا :
أنك قد ترى بعض الناس ممن هم أكبر منك سنا أو قدرا أو علما يتابعون تغريداتك في تويتر وهذا يدل على سمو بعض النفوس بتواضعها وطلبها للفائدة عند من هو دونهم ، وتحقيقا لسنة الله في المتواضعين أن يعلي في القلوب منزلتهم ومكانهم وهذا ما يلمسه كل مغرد تجاه هؤلاء العظماء الذين يتواجدون معه ويتابعونه.

ثانيا :
الحرص على كثرة الأتباع للتفاخر والتباهي لا لقصد الافادة ، وهذه من مداخل الشيطان على العبد في فتنة الشهرة التي يغوي بها الإنسان ، لكن إن جاءت هذه الشهرة من غير طلب لها فلا بأس ، أما أن يسعى لها ويتفقد المتابعين له مابين فترة وأخرى يحزن لنقصهم ويفرح لكثرتهم فهذا دليل على وجود مرض في قلب العبد والعياذ بالله.
وليقتدي بابن مسعود رضي الله عنه عندما قال لأناس يتبعونه ليس لهم حاجة : ( ارجعوا فإنه فتنة للمتبوع وذلة للتابع ) أما إذا كان المتبوع يفيد ولا ينظر لهذه الخواطر والتابع يستفيد فلا بأس.
بل إن البعض يطلب منك إضافته بكل جرأة ويبتكر الوسائل والطرق لجذب أكبر عدد ممكن من المتابعين وهذا كله داخل في هذا الباب نسأل الله أن يحمينا وإياكم منه.

ثالثا :
هل تغرد خارج السرب ؟
تحتمل هذه الكلمة معنيين فإما أن يكون المعنى أن الإنسان يشذ عن الجماعة ويأتي بأشياء تخالف الشرع والفطرة والعقل في أشياء متفق عليها بين المسلمين فعلى هذا المعنى يكون أمرا مذموما ومحرما ، وعلى المعنى الثاني أن يأتي بأشياء فيها تجديد وابتكار يخرج منها المغرد عن سربه الذي تعود أن يسمع منه المعلومة بطريقة تقليدية لكنه يأتي بها بأسلوب يأسر العين والقلب ليقف معها المتابع مكبرا لها أو مفضلا لها أو معيدا لإرسالها ، فهذه طريقة محمودة بل ينبغي للمغرد في هذا البرنامج أن يتحلى بها ويمارسها.

رابعا :
أن تكون ذنبا في الحق أفضل من أن تكون رأسا في الباطل ، ينبغي أن تكون في حسبان كل مغرد في تويتر هذه الجملة ، فالبعض يحاول أن يجذب انتباه الناس إليه بكل طريقة حتى ولو كانت تخالف الشرع ، وما نحن عن قضية بعض الشباب الذين تطاولوا على الرسول عليه السلام ببعيد ، فالمهم أن يعرف الاسم وأن يكثر المتابعون وأن تتناقل صفحات تويتر هذه التغريدات البائسة حتى لو خسر أعز ما يملك وهو دينه لكن البعض للأسف يريد أن يكون رأسا في الباطل أفضل من أن يكون ذنبا في الحق.
ولا شك أن تكون رأسا في الحق أفضل من أن تكون ذنبا فيه نسأل الله من فضله و كرمه.

خامسا :
لا تثرب على أي إنسان طريقته في هذا البرنامج ، فالبعض لا يحب أن يكثر من متابعة الناس والبعض الآخر لا يرغب الإكثار من إعادة إرسال التغريدات التي تصل إليه وأناس يقتصرون في حسابهم بتويتر على كتاباتهم فقط وهناك من الناس من لا يرسل الروابط ويكتفي بكتابة الجمل فقط وهناك العكس ، فلكل وجهة قد اتخذها وتناسبت معه ، وهذا من باب اختلاف التنوع الذي يثري ساحة تويتر بكل مفيد بشكل منوع.

سادسا :
مراعاة مشاعر المتابعين لك ، فقد يتابعك أناس من قبائل متنوعة فليس من الأدب أن تأتي بمفاخر قبيلتك وإن كانت حقا ، كذلك قد يتابعك نساء فليس من اللائق أن تطرح قضايا لا تناسبهن وغيرهم من أصناف المتابعين ، فالحكيم من يعي هذه الأمور جيدا.

سابعا :
هذا البرنامج هو عبارة عن تواصل اجتماعي عبر التقنية الحديثة فلا يشغلك عن التواصل الحقيقي على أرض الواقع مع الناس والأرحام والأقارب ، فتجد البعض تواصله مع أقاربه قليل لكنه في صفحات تويتر يمكث الساعات الطوال في التواصل ، والبعض الآخر حتى لو تواصل مع أقاربه وحضر عندهم تجد هذا البرنامج في يده حاضرا وينشغل به عن جلسائه للأسف وهذا مما ينافي أدب المجالس.

ثامنا :
من فوائد وحسنات تويتر أنه غرس في الناس الشجاعة الأدبية في أن يقولوا ما يريدون التعبيرعنه بكل شجاعة وصراحة وبأسمائهم الحقيقية ، لكنه مع ذلك أظهر لنا أشخاصا كنا نسمع عنهم ولا نعرف عنهم إلا القليل فأتى هذا البرنامج ليكشف لنا بعض الحقائق والأشخاص ، فشكرا تويتر لقد أظهرت المستور من الأخلاق والأفكار والاتجاهات وغيرها.
وأستطيع أن أقول أن تويتر مثل السفر يسفر عن وجوه الرجال.

تاسعا :
إرضاء جميع الناس غاية لا تدرك ويعتبر من الأشياء المستحيلة ، فالزم ما تعتقد صوابه وقله ولا تبالي بكلام الناس إذا كان ذلك ضمن حدود الشرع المطهر والأخلاق والعرف.
واحذر أن ترضي الناس بسخط الله ، فالبعض يكتب أمورا مخالفة وهو يعلم أنها خاطئة وربما لم يقتنع بما يكتبه لكنه يرضي بذلك متابعيه حتى لا يخسرهم ، إن البعض يرى بعين الازدراء لمن يداهن المسؤولين والكبار ويوافقهم على خطأهم ويغفل عن الذين يداهنون الجماهير ويكتبون ما يوافق ميول الناس وإن كان خطئا ، وكلا الأمرين مذموم.
فالواجب أن يكتب الإنسان ما يعتقد صوابه حقا ولا يستوحش من كثرة المعارضين.

عاشرا :
الإخلاص لله في كل ما تكتب ، فلعل كلمة تكتبها تبلغ الآفاق ينفع الله بها أناس هم في أمس الحاجة لبلسمها وقد تكتب كلمة تداوي مجروحا أو تحيي ميتا أو تنبه غافلا أو تشد عزيمة أو تحل مشكلة ، وقد يرجع ذلك إلى إخلاصك لله في هذه الكلمة التي كتبتها فنفع الله بها وبلغت منازل لا يمكن تصورها فتكون سببا لسعادتك الأبدية.
وإن بعض الكلمات التي تصل من بعض المغردين ، لتراها والله تنبض بالإخلاص بسبب القبول الذي كتب لها وهذا من القرائن التي تدل على الإخلاص لله.

وقد يكون هناك بعض الوقفات المهمة التي لم أذكرها أو نسيتها فليعذرني الأحباب فهذا ما خطر لي في كتابة هذا الموضوع
نسأل الله النفع للجميع وأن يبارك فيما نكتب وأن يسدد أقوالنا وأفعالنا وكتاباتنا للحق ونصرته.
هذا وصلى الله وسلم على نبينا محمد.


أخوكم / مرعيد عبدالله الشمري. ١٤٣٣/٤/٩هجري
@abuomar1401

النصراني إذ يتهجم على البسملة

النصراني إذ يتهجم على البسملة
إبراهيم السكران

بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم

الحمدلله وبعد،،
قبل ساعة تقريباً كتب المحلل النصراني، د.عزمي بشارة، في صفحته الرسمية بتويتر والفيسبوك، تهجماً على (البسملة) وتشكيكاً للمسلمين في معناها، وأن معناها التكلم نيابةً عن الله، وشحن كلماته بالتهكم والانتقاص ممن يبدأ حديثه بـ(بسم الله الرحمن الرحيم).

يقول النصراني بشارة في صفحته في الفيسبوك وتويتر (@AzmiBishara) :
(من التقاليد الإسلامية أن الكاتب أو المتكلم المؤمن يبدأ حديثه بالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. امّا ابتداء الحديث ب"اسم الله الرحمن الرحيم" فقد كان محصورا بجبريل ومن يتلقى الوحي منه. فهو يتكلم باسم الله. كيف اصبح كل إنسان يتحدث باسم الله في بداية اي كلام؟ الله أعلم. يصعب الجزم متى واين حصل ذلك. ولكن هذا ليس مستغربا عند من قبل ان ينسب اسم الجلالة لبشر)

هذا النص البشع نشره عزمي بشارة قبل ساعة تقريباً، والحقيقة أنني لم أتصور أن يكون بشارة جاهلاً بمعاني أبجديات اللغة العربية! فضلاً عن معاني العبارات الإسلامية، والنصوص القرآنية والنبوية، والآثار الصحابية الواردة فيها، خصوصاً أنه يطرح نفسه كباحث مستوعب للتكوين الديني واللغوي للمجتمع العربي!

على أية حال .. أساس الخلل في تصور عزمي بشارة هو ظنه أن معنى البسملة (التحدث نيابة عن الله وباسمه!) وهذا ليس المعنى أصلاً، وربما يكون تصور أن هذا هو المعنى من كثرة ما يسمع في المحافل (أتحدث باسم فلان) أو (باسم الشعب) ونحوها من العبارات، فركّب ما يسمعه على معنى البسملة! وظن أن معناها التحدث نيابةً عن الله! ثم جاء ينتقد المسلمين لماذا يبدؤون حديثهم وكتابتهم بالبسملة! ويتساءل أسئلة عبقرية –تبارك الله- عن أول من استعمل البسملة!

وبكل اختصار معنى البسملة هو التيمن بذكر اسم الله في البداءة، ولذلك فالأصح فيها تقدير فعل مناسب لكل حالة كما سيأتي توضيحه.
وأئمة اللغة تحدثوا عن معنى البسملة مبكراً، بل لقد أُلِّف في إعراب ومعنى البسملة رسائل كثيرة.
وظني أن د.بشارة لا يعرف مفهوم (التقدير النحوي) فالعرب تحذف ألفاظاً في كلامها لموجبات متنوعة، وتصبح مقدرة تدل عليها قرائن السياق، ولذلك لم يتصور لهذا التركيب معنى إلا ما سمعه من استخدام في المحافل الرسمية والخطابات البروتوكولية، كعبارة (باسم الشعب) مثلاً.

وهذه العبارة معروفة في كلام العرب، وقد نقلها رأس النحاة في زمنه سيبويه (ت 180هـ) حيث يقول سيبويه:

(ومثل ذلك: "أول ما أقول أن بسم الله"، كأنه قال: أول ما أقول أنَّه بسم الله...، وأما قوله: أن بسم الله، فإنما يكون على الإضمار، لأنك لم تذكر مبتدأ أو مبنياً عليه)[سيبويه، الكتاب: 3/165].
وكتاب سيبويه ديوان النحو العربي، فقد نقل فيه خلاصة علم مشايخه كالخليل والأخفش الكبير وعيسى بن عمر ويونس بن حبيب ونحوهم، وهو "إمام النحو وحجة العرب" كما وصفه الذهبي.

وقد اختلف نحاة البصرة والكوفة في تقدير المحذوف هاهنا، وهو الذي يتبين به المعنى، وقد لخّص ابن هشام اختلافهم حيث يقول:

(جملة البسملة: فإن قدر ابتدائي باسم الله فاسمية، وهو قول البصريين، أو أبدأ باسم الله ففعلية، وهو قول الكوفيين، وهو المشهور في التفاسير والأعاريب، ولم يذكر الزمخشري غيره، إلا أنه يقدر الفعل مؤخراً ومناسباً لما جعلت البسملة مبتدأً له، فيقدر باسم الله أقرأ، باسم الله أحل، باسم الله أرتحل، ويؤيده الحديث "باسمك ربي وضعت جنبي" )[ابن هشام، مغني اللبيب، ص495].

والمراد أن قول (بسم الله) معناها أبتدئ بذكر اسم الله على سبيل التيمن والاستعانة سواءً كان في كتابة أو قراءة أو طعام أو غيره.
وقد ألّف علماء الإسلام في معاني (البسملة) مؤلفات خاصة، منها: شرح البسملة لابن أم قاسم المرادي، وشرح البسملة والحمدلة لزكريا الأنصاري، والحلية في البسملة لابن عبد النور، وشرح البسملة للمدني، وعلى بعض هذه الكتب شروح وحواش.

حسناً .. دعنا نفترض أن معنى (البسملة) هو ما ذكره النصراني عزمي بشارة، وهو (التحدث نيابة عن أحدٍ ما)، فتعال نختبر هذا التفسير على النصوص العربية:

يقول الله (وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا)[هود:41].
فنبي الله نوح يأمرهم أن يقولوا (باسم الله) حال ركوبهم، كما يلخص العلامة محمد الطاهر بن عاشور ذلك فيقول:
(والباء في بسم الله للملابسة، مثل ما تقدم في تفسير البسملة، وهي في موضع الحال من ضمير اركبوا، أي ملابسين لاسم الله، وهي ملابسة القول لقائله، أي قائلين: باسم الله)[ابن عاشور، التحرير والتنوير، ص12/73].

فلو طبقنا ما يقوله النصراني بشارة في معنى البسملة لكان معنى (بسم الله) التي قالوها: أي إننا نركب نيابة عن الله! فهل يستقيم المعنى؟!

خذ مثالاً تطبيقياً آخر نختبر فيه نظرية النصراني بشارة في تفسير البسملة:

يقول الله تعالى في التسمية على الذبائح (فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ)[الأنعام:118]، ويقول (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا)[الحج:36]. ويقول الله في التسمية على الصيد (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عليه)[المائدة:4].

فالآيات أمرت بالتسمية، والتسمية كما جاء في السنة (وأتي بكبش فذبحه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيده، وقال: «بسم الله، والله أكبر)[ابوداود:2810].
حسناً .. فهل المسلم إذا نحر ذبيحته وقال (باسم الله) يكون المراد أنه يذبح نيابةً عن الله، كما يقترح النصراني بشارة في معنى التسمية؟!

والبسملة موجودة في مفتتح كل سورة إلا التوبة بإجماع المسلمين، يقرؤها المسلمون منذ قرؤوا القرآن، فهل المسلمون حين يستفتحون السورة بقولهم (بسم الله) يقصدون أنهم يتحدثون نيابة عن الله؟! يالذكاء النصارى!

وأما في السنة النبوية فقد وجّهنا النبي –صلى الله عليه وسلم- في أحاديث صحاح كثيرة للبسملة، منها في ذكر الإخلاد إلى الفراش، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا أوى أحدكم إلى فراشه.. ثم ليقل :"باسمك ربي وضعت جنبي.."). فلو كان معنى (باسم) النيابة، لكان المعنى (نيابة عنك يا ألله أموت وأحيا!) فهل هذا هو هو المعنى معاذ الله الذي لا يموت سبحانه (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ)[الفرقان:58].
وجاء هذا المعنى في أذكار أخرى في الصحيحين وليس هذا مجال استيعابها، والمراد التمثيل.

وأما استعمال الصحابة للبسملة بشكل مبكر ففي البخاري عن أنس (أن أبا بكر رضي الله عنه، كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين: "بسم الله الرحمن الرحيم هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم..)[البخاري:1454].

بل حتى العرب الجاهليين يعرفون التسمية، ومن ذلك أن سهيل بن عمرو لما قال النبي صلى الله عليه وسلم لكاتبه في قصة الحديبيبة اكتب (بسم الله الرحمن الرحيم) قال سهيل بن عمر (أما الرحمن، فوالله ما أدري ما هو، ولكن اكتب "باسمك اللهم")[ البخاري:2731].
فهذا سهيل بن عمرو يعرف التسمية ويستعملها في المكاتبة، بمعنى البداءة بذكر اسم الله، وهذا النصراني يظن معناها (أتحدث نيابةً عن الله)!

على أية حال .. نصوص النحاة في إعراب البسملة كثيرة جداً، ونصوص المفسرين في تفسير معنى البسملة كثيرة وميسورة لأنك لا تكاد تجد مفسراً إلا وقد فسر معنى البسملة في مفتتح تفسيره، وهكذا في شروح الحديث، بل في شروح المتون أيضاً- في شتى الفنون، لأن أهل العلم يبدؤون كتبهم بذكر البسملة، فيأتي الشارح ويشرحها ويذكر ما قيل في إعرابها، واشتقاق الاسم، وحذف الألف، ونحوها من مسائلها.

والحقيقة أن هذا التهجم القبيح من هذا النصراني على واحدة من شعائر المسلمين وهي (البسملة)، ليست شأنا جديداً، بل لا تخلو كتب النصراني بشارة من طعون ماكرة في دين الإسلام، وسأذكر نموذجاً واحداً:


فمن طعون هذا النصراني أنه تهكم بوقاحة بحديث الإسراء والمعراج الثابت في الصحاح والسنن، والذي فيه أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- راجع ربه في عدد الصلوات المفروضات من خمسين إلى خمس، كما في البخاري:
(فرض الله عز وجل على أمتي خمسين صلاة، فرجعت بذلك، حتى مررت على موسى، فقال: ما فرض الله لك على أمتك؟ قلت: فرض خمسين صلاة، قال: فارجع إلى ربك، فإن أمتك لا تطيق ذلك، فراجعت، فوضع شطرها، فرجعت إلى موسى، قلت: وضع شطرها، فقال: راجع ربك، فإن أمتك لا تطيق، فراجعت فوضع شطرها، فرجعت إليه، فقال: ارجع إلى ربك، فإن أمتك لا تطيق ذلك، فراجعته، فقال: هي خمس، وهي خمسون، لا يبدل القول لدي، فرجعت إلى موسى، فقال: راجع ربك، فقلت: استحييت من ربي)[البخاري:349].
وهذا الحديث صحيح بإجماع أهل الإسلام، منتشر في الصحاح والسنن، ودلت عليه إجمالاً آية الإسراء.

فانظر ماذا يقول النصراني بشارة في التهكم بهذا الحديث:

(لا يمكن عملياً فحص مقولة مشعوذ شاب خطيب، بأن النبي –صلعم- قد تفاهم مع الله حول عدد الركعات التي تصلى، في عملية أخذ ورد، كما يرويها باللغة العامية لتقريبها لأذهان السامعات)[د.عزمي بشارة، طروحات عن النهضة المعاقة، ص101].

هكذا يكون حديث المعراج الشريف ومراجعة الرسول –صلى الله عليه وسلم- ربه في شأن عدد الصلوات إنما هي "شعوذة"! لا يمكن فحصها علمياً! اللهم شرف جناب نبيك –صلى الله عليه وسلم- عن وقاحة هذا النصراني، اللهم انتقم لنبيك–صلى الله عليه وسلم- ممن سخر بمعراجه الشريف.

والغريب حقاً أن تجد بعض شذاذ السعوديين ممن يبجل النصراني بشارة، وهو يسب دينهم، ويسب أشخاصهم، خذ مثلاً: يرى النصراني بشارة أن مقاومة الخطاب الشرعي في السعودية للشيوعية والإلحاد ليست دفاعاً صادقاً عن الإيمان، بل دفاع عن النفط!

ويرى النصراني بشارة أن مقاومة الخطاب الشرعي في السعودية للقومية البائدة ليس في حقيقه دفاعاً عن الدين، بل دفاع عن التقاليد! حيث يقول بشارة:

(في السعودية اتخذ الدفاع عن النفط غطاء الدفاع عن الإيمان ضد الإلحاد والشيوعية، والدفاع عن التقاليد ضد الحداثة القومية)[د.عزمي بشارة، أن تكون عربياً في أيامنا، ص82].
والله إنني أرثي له وأنا أراه مازال يتعلق بأطلال القومية التي ركلها التاريخ!

ويكتمل مشهد المأساة إذا تذكر القارئ اللغة التبريرية التي قدمها عزمي بشارة للنظام السوري الوحشي في بدايات الثورة، ثم غيابه اليوم عن دعم الثورة الشامية المباركة.

أخيراً ..
من يعذرني في أقوامٍ من أمتي يصدّرون هذا النصراني الذي يتهجم على شعيرة الإسلام (البسملة) ويتهكم بحديث معراج نبينا صلى الله عليه وسلم، ويتهم علماءنا ودعاتنا أنهم لا يقاومون الشيوعية والقومية لدافع ديني، بل دفاع عن النفط والتقاليد! هذا النصراني يوجد اليوم من يصدره لفتيان أمتي.
هل ماتت الغيرة والحمية للإسلام في النفوس؟!
هل عقمت أرحام أمتنا من أن تلد المفكر السياسي المسلم المعتز بدينه، والمستقل عن النظم الفاسدة؟!
قتلنا الذل للغرب النصراني المستكبر المهيمن .. فهل يجب أن يفرض علينا عدو من نصارى العرب أيضاً؟!

والله أعلم،
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه
ابوعمر
ربيع الآخر 1433هـ

مع ذبح إخواننا..هل دعاؤنا يخدرنا؟!


بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين وبعد؛
لا شك في أهمية الدعاء وعظمته وشأنه وأثره الكبير في كل شؤون حياتنا, ومن ذلك أهمية وضرورة وواجب الدعاء لإخواننا المضطهدين المذبحين.
وهنا بالطبع لا نقلل من شأن هذا السلاح العظيم, ولكن ديننا لم يجعل أن واجبنا في شؤوننا المختلفة أن ندعو لأمر ما بدون أن نبذل الأسباب الأخرى الهامة لتحقيقه, فديننا ربانا على العمل والبذل والنشاط والتغيير, ولا يربينا على أن ندعو ثم نقعد, بل إن هذا من التواكل المذموم. ديننا لا يربي مثلا من نقص رزقه أن يدعو فقط بدون أن يأخذ ويعمل بالأسباب المادية التي تعينه على الرزق.

وعودة إلى القضية المقصودة بالحديث هنا, وهو ما أصبحنا نعيشه كظاهرة منذ سنين عديدة تجاه المآسي التي يتعرض لها إخواننا من ناحية توجهنا للدعاء بطريقة قد نُشعِرُ أنفسنا من خلالها بأننا بدعائنا لهم أدينا ما علينا, وبطريقة قد تُضعِف انطلاقتنا بعزم وبقوة وبقدر الإمكان للسعي لطرق إنقاذهم التي أهمها انطلاقتنا للجهاد إن تيسرت أسبابه وظروفه, وأقلها-مع أهميته- عملنا الجاد لإصلاح أحوالنا والالتزام بأوامر الله وإبعاد أنفسنا ومجتمعاتنا عن المنكرات وما يغضبه سبحانه والاجتهاد في الدعوة, حتـــــى نهيئ بذلك للأمة الظروف التي يعود فيها لها حزمها وقوتها وعزها فينطلق جهادها-ولو بعد حين- فيُؤدب المعتدون ويُوقف الذل والهوان وتسلط أعداء الدين على المسلمين.

وحقيقة أنني أشعر أن الطريقـــــــة التي نعيشها مع مآسينا -من حيث الدعاء مع عدم حصول التحرك القوي لما يُقرِّب نصر الأمة ويُبعد عنها الهوان والذل والعجز- أصبحــــت شبه مُخدِّرة للكثير منا بأنه إذا دعا فقد أدى واجبه وكفى, ثم يعود لمثل ما كان عليه في حياته مع ما قد يكون فيها من تقصير. كما أنني لا أشك في أن الذين كانوا سببا في بُعد الأمة عن طريق التمسك الحق بالدين-قصدوا أو لم يقصدوا- وأعداء المسلمين فرحين ومسرورين بأن يجعلونا فقط ندعو ونُفرِّغ عواطفنا في الدعاء ثم لا نلتفت لواقعنا لإصلاحه, وأحد علامات ذلك أنهم حتى وسط آلامنا الشديدة ووسط دعائنا نجدهم مستمرين وباذلين العزم على الاستمرار في تخطيطاتهم وأعمالهم لتمييع دين المسلمين وتمسكهم بقيمه وإلهائهم عبر وسائلهم المختلفة.

وأتمنى أن نرجع لكلمة رائعة للعالم الفذ الشيخ حازم أبو إسماعيل ثبته الله على الحق والخير ووفقه قالها في شأن آخر لكنه أشار فيه إلى سلبية القول بأننا لا نملك إلا الدعاء ونبَّه إلى أثر مثل هذه التصورات في تخدير الأمة عن واجباتها وإشعارها بالرضا المزيَّف بمجرد أن تقوم بالدعاء.

** أيضا حتى إخواننا في سوريا حاليا بدؤوا يرفعون أصواتهم من وسط معاناتهم ويقولون للعرب وللمسلمين في بقاع العالم المختلفة لا يكفي الدعاء ولا نريد دعاءً فقط, ويقولون كلمتهم هذه بألم كبير بل أحيانا مع شكوى يرفعونها إلى الله.
ثم إنه من غير المعقول وغير الصحيح أن يستمر تفاعلنا مع مآسينا على مدى سنين وسنين فقط بالدعاء وتضميد الجراح مع عجزنا المستمر عن إيقاف هذه المآسي. إن هذا الأمر لا يرضاه ديننا ولا تستسيغه قيمنا ونحن أمة الحق والرسالة الخاتمة المنقذة للبشرية والحامية للضعفاء. بل إن أي أمة لو راجعت نفسها فلن ترضى بمثل هذا الواقع بأن يكون دورها- مع مآسٍ متتابعة مؤلمة قاسية مستمرة كثيرة- فقط التعاطف بأي وسيلة بدون تحقيق حل قوي واقعي يوقف هذه الآلام, ولأصبح هذا الواقع فرصة لها لمعرفة موطن الخلل وتعديله.

** وإن تركيزنا على الدعاء على الأعداء بدون إصلاح أحوالنا يكون وكأننا نُزكِّي أنفسنا ونبرِّئها من المسؤوليات الأخرى لإيقاف ما يحدث.
إن الاكتفاء فقط بالدعاء بدون السعي الجاد لإصلاح حال الأمة هو تقصير في حق أمتنا التي تذبح ذبح النعاج وتقتل بأشد أنواع القتل وتهان وتباد, والتي أصبحت تعيش أسوأ واقعٍ وصلت إليه على مدى تاريخها من ناحية استمرار العجز والهوان.
بل إن مظهرنا عندما نلجأ ونركز على الدعاء كلما جاءتنا مأساة بـــدون أخذ الأسباب-وهي ممكنة - فيه حقيقةً مظهر ضعف, لا لأن الدعاء العظيم ليس هاما ولا لأننا لا نحتاجه ولكن لطريقتنا في استعماله التي توحي في أحيانٍ كثيرة بالعجز والتكاسل والرضا بالواقع وعدم الجدية في التغيير والعمل بالأسباب.
نقطة أخرى متعلقة؛ فلو تأملنا الدعوات الكثيرة التي يرفعها الملايين من المسلمين متفاعلين مع ما يلاقيه إخوانهم وواقع أمتهم وراجعنا وتأملنا أسباب قبول الدعاء لأدركنا أن أحد أسباب تأخر الاستجابة قد يكون هو التقصير الذي لا زال حاصلا في شتى ديار المسلمين في جوانب عديدة ومتنوعة, ويكفي كمثال على ذلك ما يظهر وينشر في كثير من وسائل الإعلام مما لا يرضاه ديننا.

** وليتنا بالنسبة للدعاء نفسه الذي نقوم به تفاعلا مع مآسي إخواننا؛ أننا كما ندعو فيه على الطغاة والمجرمين أن ندعو فيه أيضا بحرارة بأن يصلح الله أحوالنا وأن يردنا إليه ردا جميلا, وأن يُبرم للأمة أمر رشد يعود فيه لها عزها ومجدها, بل أيضا مناسب أن ندعو على المفسدين الذين ضيعوا ويضيعون الأمة عن سبيل التمسك الحق الكامل بالدين, الذي هو السبيل الأساس لاستعادتنا عزنا وإنهاء الذل والعجز والتخاذل المفزع الذي نعيشه. وبهذا يصبح دعاؤنا في حد ذاته متكاملا يعيننا على أنفسنا وإصلاح أحوالها وعلى الأخذ بها وبمجتمعاتنا إلى طريق الهداية والرشاد والنصر, (ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله) "سورة الروم" .

تأملات في الفكر ومنطلقات المفكر


بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيم

الحمد لله منزل القرآن وملهم البيان، والصلاة والسلام على خير الأنام، ومصباح الظلام، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه الكرام أما بعد...
فيقولون إن قوة العقل في الإنسان كقوة البصر في العين، والذوق في اللسان، وبه يمتاز الإنسان عن سائر الحيوان، ومن أحسن ما قيل في العقل ما قاله الأصمعي: (العقل: الإمساك عن القبيح، وقصر النفس وحبسها على الحسن).
ولست بحاجة إلى بيان أهمية العقل ومنزلته في الإسلام، فيكفي العقل أن الإسلام اعتمده مناطاً في التكليف، فالذي لا يعقل تسقط عنه شرائع الإسلام.

ومن تأمل القرآن الكريم وجده يخاطب العقل بكثرة،ومن ذلك ما ذكره الله – عز وجل – في سورة المؤمنون حيث قال مخاطباً العقول: {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (84) فيأتي بعدها هذا الجواب المعقوب بحثهم على التذكر والتفكر: {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ}(85) وأيضاَ {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ} (87).
ثم تنساب الآيات بعدها مخاطبة العقل عارضة عليه الحقائق الربانية التي تدركها العقول ولا يكون منهم إلا أن يجيبوا ببداهة العقول {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ}.

مثل تلك الآيات أيضاً ما ورد في سورة النمل من بداية آية (59 ) حيث يخاطب الله العقول مذكراً لها بآياته وبدائع صنعه وفي نهاية كل آية يأتي هذا الاستفهام {أَءِلَهٌ مَعَ اللَّهِ}.
هذه الآيات ومثلها الكثير في كتاب الله – عز وجل – تخاطب عقل الإنسان وتحثه على التفكير التام والعميق فيما هو فيها من توجهات واهتمامات... إلخ
فهذه الآيات ما نزلت بهذا الأسلوب من فراغ، كلا، فلله الحكمة البالغة.. وهكذا القرآن يخاطب العقل والفكر والروح والعواطف، فيؤثر فيها أبلغ التأثير وأعمقه، وكذلك السنة النبوية على صاحبها أفضل صلاة وأتم سلام.

وتأملوا معي: إبراهيم – عليه السلام – وهو يخاطب عقول قومه عندما حطم أصنامهم كما في سورة الأنبياء.
وكذلك عندما يخاطب الذي حاجه في ربه كما في سورة البقرة، وكذلك ما ورد في سورة الأنعام عندما رأى الكوكب. يخاطبهم ويحاجهم ويستثير أفكارهم ليقرر فيهم عقيدة التوحيد لا إله إلا الله وحده لا شريك له.

وتأملوا كذلك النبي – صلى الله عليه وسلم – عندما عاتب خالد بن الوليد – رضي الله عنه – عن تأخره في الإسلام إذ أن مثله رجل داهية مفكر عاقل لا ينبغي لمثله أن يغفل عن هذا الدين.

عندما دخل الرسول- صلى الله عليه وسلم – مكة في عمرة القضاء فسأل الوليد عن أخيه خالد، فقال: (أين خالد؟)... فقال الوليد: (يأتي به الله ) فقال النبي صلى الله عليه وسلم - (ما مثله يجهل الإسلام، ولو كان يجعل نكايته مع المسلمين على المشركين كان خيرا له، ولقدمناه على غيره) وضد هذا الموقف ما ورد في قصة الطفيل بن عمرو الدوسي، رجل عرف أنه لديه فكر وعقل فلم يكن أسيراً لأفكار قريش وشبهاتهم التي حشوه بها، بل قرر أن يخوض بنفسه غمار التجربة فلديه عقل وتفكير مستقل عن قريش، وفعلاً هداه الله إلى الإسلام.

وتأملوا كذلك ما قَالَه اَلنَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم ) لِحُصَيْنٍ ((كَمْ إِلَهًا تَعْبُدُ؟ قَالَ سَبْعَةً، سِتَّةً فِي اَلْأَرْضِ،وَوَاحِدًا فِي اَلسَّمَاءِ، قَالَ مَنْ لِرَغْبَتِكَ وَرَهْبَتِكَ؟ قَالَ اَلَّذِي فِي اَلسَّمَاءِ،قَالَ فَاتْرُكْ اَلسِّتَّةَ،وَاعْبُدْ اَلَّذِي فِي اَلسَّمَاءِ، وَأَنَا أُعَلِّمُكَ دَعْوَتَيْنِ)) فَأَسْلَمَ، وَعَلَّمَهُ اَلنَّبِيُّ (صلى الله عليه وسلم) أَنْ يَقُولَ ((اَللَّهُمَّ أَلْهِمْنِي رُشْدِي وَقِنِي شَرَّ نَفْسِي)).

بعد هذا العرض الموجز عن مكانة العقل وبعض النصوص الشرعية التي وردت فيه وبعض المواقف التي خوطب فيها العقل، قد يسأل سائل إلى ماذا تريد أن تصل؟؟؟ وما هي النتائج التي ستذكرها بعد هذه المقدمة؟؟؟
أقول ومن الله أستمد القبول، ما عرضته في المقدمة ماهو إلا مدخل لقضايا مهمة حول مسألة الفكر والتفكير الذي هو نابع من العقل.

وسأجعل هذه النقاط على طريقة تأملات مستنبطة من النصوص التي ذكرتها في مقدمة الموضوع، فأقول:

أولاً/ إن أول ما ينبغي أن يشغل المرء فيه فكره وعقله هو الغاية من وجوده في الأرض والتي هي عبادة الله - عز وجل – واتباع شرعه، فيفكر في أمره وأنه لم يخلق عبثاً ولم يترك سدى ويتأمل في آيات الله عز وجل وبدائع صنعه، ولست بهذا أعني أن ذلك أول واجب على المكلف كما يقرر أهل الكلام من المعتزلة ومن نحى نحوهم، بل أول واجب هو الإيمان بالله – عز وجل – وإنما أتكلم فقط عن ضرورة التفكر في هذا الجانب وأهميته.

ثانياً/
إن أفكار المرء المسلم وتطلعاته لابد أن تنطلق من توحيد الله – عز وجل – ونشر دينه في الآفاق وهكذا، إبراهيم – عليه الصلاة والسلام – في دعوته، انطلق بأسلوب فكري مقرراً العقيدة الإسلامية، ومفنداً لشبهات القوم، وراداَ عليها وداحضاً لها، وهكذا لابد أن يكون (مفكرو) زماننا إن صح هذا اللفظ، لا بد أن ينطلقوا من هذا المبدأ في توجهاتهم وأفكارهم، فلابد أن تخدم قضاياهم وأطروحاتهم وأفكارهم هذا الدين ودحض كل ما يعرض له من شبهات وأهواء.

ثالثاً/
إن الإنسان الذي رزقه الله عقلاً وفكراً ثاقباً لا يحسن به بأي حال من الأحوال، أن يبقى بعيداً عن واقع أمته وعن واقع الدعوة إلى الإسلام وما يعرض له من شبهات وصراعات وتدافع بين أهل الحق وأهل الباطل، بل لا يحسن به ألا يكون له دور واضح ومؤثر في هذا الواقع الذي يعيش فيه.
إذا عرفت هذا فتأمل معي حال بعض أهل زماننا – وما أكثرهم – من بعد عن واقع الإسلام وما يتعرض له، وكأنهم في كوكب آخر لا يحيطون ولا يدركون بل لا يفقهون واقع بيوتهم فضلاً عن واقع أمتهم، بل ربما لو سألته: ماذا نعني بفقه الواقع؟؟ ما معالمه؟؟ ما ضوابطه؟؟ ما أهميته؟؟ ربما لن يجيبك.

رابعاً/
إن البشر ليسوا معصومين من الخطأ والنسيان والزلل، فهذا أمر طبيعي لا مناص منه، وما دام البشر بهذه الصورة، فأفكارهم كذلك من باب أولى، فأفكارهم التي لا تستند إلى دليل – شرعي أو عقلي ثبتَ بالتجربة من النظريات العلمية التي ثبتت – إنما هي أفكار بشرية من اسمها قابلة للأخذ والرد، قابلة للمدح والنقد، بل قابلة للعمل بها وتبنيها إذا ثبتت فاعليتها، ولتركها ونبذها والتحذير منها إذا ثبت ضررها وضلالها، والأمر كما قيل: (خذ ما صفى ودع ما كدر )، وقد فهم هذا الأمر جيداً الطفيل بن عمرو الدوسي – رضي الله عنه – عندما فكر في أمر قريش وما بثوه من أفكار خاطئة عن الإسلام وعن النبي – صلى الله عليه وسلم – فتركه جانباً وذهب إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – وعندما أخذ الفكرة الصحيحة عن هذا الدين كانت النتيجة أن هداه الله وهدى معه قومه.

بقي أن أقول: ليس كل الناس سيتصرفون كالطفيل – رضي الله عنه – بل لابد من عمل فاعل للعلماء والدعاة وأهل الفكر لبيان صورة الإسلام الصحيحة ودرء الشبهات المثارة حوله بكل وسيلة ممكنة من صحافة وإعلام وتعليم... إلخ. حتى تنتشر صورة الإسلام الناصعة الصحيحة ويندحض الشر وأهله.

خامساً/
من الصعب أن نحصر الفكر في مجال معين، أو أن نحدد له مساراً واحداً..! لماذا؟
لأنه فكر بشري، والبشر يختلفون ويتمايزون وتتفاوت اهتماماتهم وفقاً لتفاوت عقولهم، ولهذا فمن الصعب تحديد الفكر البشري الغير السوي، وإلا فالفكر السوي المستقيم محدد مؤصل فهو فكر ينطلق من مراعاة الكتاب والسنة ويخضع العقل لهما فهما حاكمان عليه وهو خاضع لهما فلا تعارض ولا مصادمة بين الشرع والعقل.

وتأمل معي: ما خطه يراع الإمام أبو القاسم الأصفهاني – رحمه الله – في كتابه القيم (الحجة في بيان المحجة)، وأنقله لك بطولة:
(مما يدل على أن أهل الحديث هم على الحق: أنك لو طالعت جميع كتبهم المصنفة من أولهم إلى آخرهم، قديمهم وحديثهم، مع اختلاف بلدانهم وأزمانهم، وتباعد ما بينهم في الديار، وسكون كل واحد منهم قطراً من الأقطار؛ وجدتهم في بيان الاعتقاد على وتيرة واحدة، ونمط واحد، يجرون فيه على طريقة لا يحيدون عنها، ولا يميلون فيها، قولهم في ذلك واحد، وفعلهم واحد، لا ترى بينهم اختلافاً ولا تفرقاً في شيء ما وإن قلْ. بل لو جمعت جميع ما جرى على ألسنتهم ونقلوه عن سلفهم، وجدته كأنه جاء من قلبٍ واحد، وجرى على لسان واحد، وهل على الحق دليل أبين من هذا؟!)
ثم قال رحمه الله عن أهل الضلال: (وأما إذا نظرت إلى أهل الأهواء والبدع رأيتهم متفرقين مختلفين أو شيعاً وأحزاباً لا تكاد تجد اثنين منهم على طريقة واحدة...) أ.هـ (الحجة في بيان المجة لأبي القاسم الأصفهاني 2/224-228).

سادساً/
على الإنسان ألا يغتر بفكره، ولا يظن أن ما وصل إليه هو الكمال ولا شيء بعد ذلك، فربما تكون العجوز في بيتها أفضل فكراً وأصوب مما أدى إليه فكرك، ومن تأمل حل أهل الكلام وجد ذلك فرغم ما شغلوا الناس به من أفكارهم وأهوائهم إلا أن خاتمة حياة بعضهم كانت التبرؤ من تلك الأفكار، ومن ذلك: ما ذكره الجويني إمام الحرمين: (لقد تأملت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفي عليلاً ولا تروي غليلاً..)

وقال بعضهم:

لعمري لقد طفت المعاهد كلها *** وسيرت طرفي بين تلك المعالم
فلم أر إلا واضعا كف حائر *** على ذقن أو قارعا سن نادم

وقال آخر:

نهاية إقدام العقول عقـــال *** وأكثر سعي العالمين ضلال
وأرواحنا في وحشة من جسومنا *** وغاية دنيانا أذى ووبــال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا *** سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا

فياليت من اغتر بعقله فأراد تطويع النصوص له وقدم أفكاره على الدليل فجعلها حاكمة عليه وهو خاضع لها إن وافقها ومجنب إن خالفها، ياليتهم يعون هذا الكلام..

وما أحسن ما قاله الإمام الشاطبي رحمه الله في (الاعتصام 2/322): (فالإنسان وإن زعم في الأمر أنه أدركه، وقتله علمه، لايأتي عليه الزمان، إلا وقد عقل فيه مالم يكن عقل، وأدرك من علمه مالم يكن أدرك قبل ذلك... ).

وبعد هذا التطواف وهذه التأملات بقي أن أقول إنها أفكار وتأملات سطرتها، فإن أصبت فيها فلله الحمد ومنه المنة والفضل، وإن أخطأت فما أحوجني لمقوم مبصر لي وله مني دعوة منجزه بأن يجزيه الله خير الجزاء، والله اعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

محمد بن مشعل العتيبي
@mohamadmeshal

صوره مجري مائي في كوريا

بسم الله الرحمن الرحيم




السلام عليكم و رحمه الله و بركاته

صوره مجري مائي في كوريا



تصوير: جيرار جريج، ناشيونال جيوغرافيك

المكان : سيول في كوريا الجنوبيه

تم ترميم 3.6 ميل بطول المجري عام 2005

المصدر : مختبري

تواصل و تفاعل

تم بحمد الله عز وجل

صوره اليوم من مختبري - مجري مائي في كوريا - عندما تمتزج الطبيعه مع التطور

بسم الله الرحمن الرحيم




السلام عليكم و رحمه الله و بركاته

صوره مجري مائي في كوريا



تصوير: جيرار جريج، ناشيونال جيوغرافيك

المكان : سيول في كوريا الجنوبيه

تم ترميم 3.6 ميل بطول المجري عام 2005

المصدر : مختبري

تواصل و تفاعل

تم بحمد الله عز وجل

مواقع القرآن الـكريم ( أنشر تؤجر )

بسم الله الرحمن الرحيم


مواقع القرآن الكريم نفعنا الله واياكم به وجعله الله لنا شفيعا يوم القيامه واليكم المواقع
:




موقع الشيخ ماهر المعيقلي - إمام المسجد الحرام


ظ‚ط±ط¢ظ† read quran koran karem qurantv

www.alquransite.com


Quran MP3 - ط§ظ„ظ‚ط±ط¢ظ† ط§ظ„ظƒط±ظٹظ… - koran karem


ط§ظ„ظ…ظƒطھط¨ط© ط§ظ„طµظˆطھظٹط© ظ„ظ„ظ‚ط±ط¢ظ† ط§ظ„ظƒط±ظٹظ… - MP3 Quran



طµظˆطھ ط§ظ„ظ‚ط±ط§ظ† طµظˆطھ ط§ظ„ظ‚ط±ط¢ظ† طھظ„ط§ظˆط§طھ طھظ„ط§ظˆط© ط§ظ„ظ‚ط±ط§ظ† طھط*ظˆظٹط¯ ط§ظ„ظ‚ط§ط±ط¦ ظ‚ط±ط§ط،ط© طھط±طھظٹظ„ ط§ظ„ط´ظٹط® - Quran Sound





القرآن الكريم حسب الرواية - صوتيات إسلام ويب



القران الكـــريم



لاتنسونا من صالح دعائكم